وهكذا
أمس ختم على أسطورة في الطهر والمحبة والشجاعة والأنوثة والوفاء.
زلفا شمعون
لم تكبر سفر البطولات
ولكنها صنعت بطلاً.
وهي لم تكتب، لم تخطب، ولم تحاضر.
ولكنها أوحت الكتابة والخطابة والتحاضر لكتاب – خطيب – محاضر
زلفا شمعون
لم تحكم
ولكنها كانت وقورة، مهابة، رفيعة الجانب.
لولاها لما كان ما كان
ومن كان.
هكذا يقول كميل شمعون في مقدمة اقواله.
لأول مرة، أمس، غابت الإبتسامة عن وجهها.
ولو أعطي لها أن تستقبل الموت، واعية، لا قطبت في وجهه جبين.
في الساعات الكالحات كانت تخجل العابسين.
وكانت ابتسامتها فجوة يطل منها الأمل فتندفع السواعد.
اذ هي أروع من قرع الطبول في استنهاض الهمم.
وأبلغ من التماع السيوف في بعث حمية الرجال.
رأيتها في أشد المواقف صعاباً،
وعلى أيام
فكانت تلقى فوق ما يلقى أثبت المعاندين – المكابرين.
وكانت القلوب تهلع، والظهور تتقصف، والعزائم تهد.
الا أن ابتسامتها الحلوة لا تغيب.
يا الهي اي اثبات وصمود وعناء وراء هذه البشاشة وتلك الليونة!!
لم يكن من السهل ضبط الأسد وراء الحديد.
على أنه قد ضبط
طوال عمره
دون أن يشعر بقساوة الحديد.
ولا كان من السهل حمل الهموم التي بمثلها تنوء الجبال. على أنها حملتها، كلها، من وراء ابرة كادحة.
ولا كان من السهل أن تكون اختا للرجال – واي رجال !! – فكانت لهم الأخت التي لم يعل صوت أو يفتر لها يأس.
زلفا شمعون
لأنها تحب الحياة
عملت على بعث الحياة في صدور الصم والبكم وفي نفوس البائسين.
لأنها لا تحب الدموع
كانت تحفق حرقة كل مسعور.
لأنها لا تحب التخاذل ولا التعاظم.
كانت سوية في الإنتصار والإنكسار.
لأنها تحب محاربها.
كانت راحة المحارب وعونه في النضال.
قلما أطلقت أسطورة، بأقل من هذا من الفعال والأقوال.
لكأنها كانت تنشأ على الرؤى، والأحلام، ونغم النفس الهادىء.
ولولا أرج البنفسج لما عرفت بنفسجة العواصف.
موت الورود لا يميت عبق الورد.
فستظل رائحة الشجاعة والأنوثة والطهر ما بقي حجر على حجر في الحدث، وفرن الحايك، ودير القمر، والسعديات.
في ذمة الله
واللبنانيين
أمنا الحنونة
... ويا أختنا.