إدوار حنين يكتب عن فلورنسا
مدينة المتاحف والروائع الفنية والحلى والمجوهرات والسجاد والالف كنيسة
وموسيقى الأجراس والعطور التي برائحة البخور
بدلاً من الكاباريهات هناك العازفون والمغنون في الحدائق العامة
أخي رشدي
منذ ان ارتسمت أمامي في لبنان طريق هذه الرحلة ومراحلها
رأيت ان اخصك برسالة من فلورنسا التي كنت بيننا جميعًا
أول من انفتح لجمالها ولروائع فنها
ثم رحت تعرفنا إليها بقلب مفتوح وحس جمالي رائع وذوق مجرب لا يخطئ.
وما إن وصلت إليه واندفعت في شوارعها وساحاتها
ولمست جدران كنائسها وقصورها
ونهدت أمام عيني انصابها وتماثيلها
وضجت في خادري ذكريات التاريخ
وقبل أن ادخل إلى واحد من مبانيها التي تعج بالروائع الخالدات
حتى ضعف عزمي وحار سائلاً نفسي:
كيف يغرف البحر بالأصداف
وكيف يحكي الفن حكايات
وكيف انقل إليك الجمال مكتوبًا في ورق
وأراني في اليوم الثالث من إقامتي فيها
مسحوقًا أمام كل هذا
انسحاقي منذ اللحطة الاولى مضاعفًا عشرات المرات.
ومع ذلك قلت:
حق رشدي علي ان أكتب ولو لم أقل إلا مثل تلك التمتمات التي نقلت من الذين شاهدوا الله أو بعض تجليه
من الصوفيين ورجال الورع والقداسة
مظهرين في ذلك ضعف ما يستطيعه الإنسان أمام الكليات الخارقة المنقطعة النظير
وقلت يكفي ان أعبر عن انسحاقي في حضرة ما رأيت وامام عظمته وجلاله
وحسبي أنني أكتب لصديق يفهم ما أنا فيه ويعذر.
مثل رابية الوروار
أخي رشدي
جمع كفيك الخنصر إلى الخنصر والراح إلى الراح
يتكون لك مثل الأرض التي تقعد عليها فلورنسا في سهل من سهول توسكانا
تحيط بها من جهاتها جميعًا رواب وتلال
يغلب عليها الصنوبر والسرو والزيتون والاخضر الدائم
كلها في مثل رقعة رابية الوروار
او دير "القرقفي" في كفرشيما
وفي مثل حجمها تنقص قليلاً او تزيد
مستطيلة مع نهر أرنو
ممدة في اكثرها على يمينه دون ان نهمل الضفة اليسرى التي يبدو ان القسم الدائم القائم عليها من المدينة القديمة لم يكن أقل من القسم القائم على الضفة الأخرى.
ساحة ميكل انجلو
تجمع العين فلورنسا من ربوتين مقابلتين
واحدة في شمالي غربي المدينة
جعلت من فوقها ساحة ميكال انجلو
وواحدة ثانية في شمالي شرقي المدينة
قامت من فوقها قرية "زيزول" الحلوة الصغيرة التي تغلب فيها الفنادق والمنازل الأنيقة للمترفين من أبناء فلورنسا وللسياح الاثرياء.