الدور التشريعي الثالث عشر
العقد الاستثنائي الثاني سنة 1973
محضر الجلسة الأولى
المنعقدة في الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر يوم الثلاثاء الواقع
في السادس من شباط 1973.
الرئيس ـ الكلمة لحضرة النائب الاستاذ ادوار حنين.
ادوار حنين ـ دولة الرئيس، ويسائل الزملاء الجدد بعضهم بعضاً:
كيف وقد توالى علينا نحن الاقدمين، عشرتان من السنين، أو ما يقاربهما، كيف لم تزل أنفسنا حمية القول في موضوع دار عليه الكلام عشرتين من المرات على الأقل.
الموازنة
هذه الموازنة التي تجيء كل عام في مثل هذه الأيام، فتغسل وتمشط ثم تروح لتجيء في العام التالي كأنها لم تغسل ولم تمشط.
من حقنا نحن أن نسأل:
هل من يسمع عندما نناقش الموازنة.
هل من يقيم وزناً لما يقال.
هل يعطى له مكانه من الاهمية.
وهل يفعل؟
نجزم. أن لا.
هل أنهم لا يسمعون؟ بل يسمعون.
هل لأن الذين يسمعون لا يفهمون ما يسمعون؟ بل يفهمون.
هل لأنهم لا يقيمون له وزناً؟ بل يقيمون
ولماذا، اذاً، لا يفعل؟
يقولون:
لأن طابخ الموازنة هذا العام هو غير الذي يطبخها في العام المقبل فاللاحق لا يستفيد من خبرة السابق.
قلنا: بل هناك العنصر الدائم وهو الادارة التي هي من وراء كل موازنة. هي هذه الادارة هي التي تعد، تطبخ، تولم وتستمع الى أقوالنا.
فلماذا، اذا تظل المخلوطة مخلوطة فلا تتبدل.
انه عجز الادارة بالذات.
هذه الادارة التي لم تلحق، هنا، كما في كل مكان آخر، بسرعة العصر.
عصرنا، ايها السادة الزملاء مشى، في ما تصرم من القرن العشرين، شوطاً لم تستطع العصور الخالية، كلها منذ يوم الخليقة الأول حتى أوائل هذا القرن، أن تمشي بمقداره.
الانسانية حتى السنة 1900 اجتازت نصف طريق التقدم والنصف الآخر اجتازته الانسانية من السنة 1900 حتى يومنا هذا.
هكذا يقول العلماء المستقبليون.
فكان طبيعياً أن تظل الادارة متخلفة عن اللحاق بالعصر.
وكان طبيعياً أن تجيء طبختها كالطبخ الذي يولم لنا: رديء لا يؤكل.
فاما ان تبدلوا الادارة من الرأس الى العقب، كلها بدون استثناء.
واما ان تسارعوا الى تطعيمها بالعناصر الفنية المتطورة التي هي على خطى هذا العصر.
والا بقينا نلعب لعبة العميان نضرب فلا نصيب، ونمشي فإذا نحن ندور على أعقابنا.
وما يصح على الادارة عامة يصح بصورة خاصة، على ادارة المال، لأن المال هو العصب، عصب الحكم، وما يصح على ادارة المال عامة يصح بصورة خاصة، على ادارة الموازنة لأن ادارة الموازنة هي التي تخطط، وهي التي تعين الانفاق، وهي التي تجعل الانجاز ممكناً.
وادارة الموازنة، فيما تجبي وتوزع تحقق أولاً تحقق عدالة وطنية وعدالة اجتماعية بدونها لا دولة، لا حكم، ولا حياة كريمة.
أيها السادة:
اجتنب أن أكرر وأعيد لكي لا أجلب الشفقة على نفسي. فأذكر بالمتسولين على أبواب الجوامع والكنائس، على أبواب بيوتنا ولكن إذا عادوا فهل يمكن الا نعود لهم؟
النفقات الادارية
والنفقات المنتجة
جاء في الفذلكة، الصفحة 28:
«ترى الدولة ضرورة مراعاة الاسس التالية:
أولاً ـ ضغط النفقات الادارية الى الحد الممكن وبشكل صحيح...»
ننظر فنرى أنهم لم يضغطوا النفقات الادارية.
النفقات الادارية كانت في موازنة السنة 1972.
634.799.800 ل.ل.
فأصبحت في مشروع موازنة السنة 1973.
703.881.400 ل.ل.
أي بزيادة:
69.081.600 ل.ل.
وهي بنسبة
10.88 بالمئة.
على أن نسبة الزيادات السنوية التي طرأت على موازنات 1968، 1969، 1970 كانت لا تتجاوز الـ 6 بالمئة في مطلق الأحوال.
والأدهى من ذلك،
إن لجنة المال والموازنة قد زادت على النفقات الادارية هذا العام بحيث قفزت نسبة الزيادة من 10.88 بالمئة (في مشروع الموازنة) إلى 11.62 بالمئة في المشروع الذي بين أيديكم ووافقت الحكومة.
فتأملوا كم هي حريصة على ضرورة ما رأت وما أعلنت في فذلكتها.
وطبيعي انه عندما تزداد النفقات الادارية تنقص النفقات المنتجة فتنقص أعمال التجهيز والانشاء وتتعرقل الخطة الانمائية.
فالجزء الثالث من مشروع الموازنة هذا نقص عما كان عليه في السنة 1972.
6.635.000 ل.ل.
أي بنسبة 3.13 بالمئة.
وعدنا بالزيادة فوقعنا في النقصان، فصار من واجبنا ان نسأل الحكومة: كيف، وهذا شأنها، ستحقق لنا ما رأته صواباً في الفذلكة، وهو صواب عندما ستزيد النفقات المنتجة للحد من الهدر.
لتوفير نسبة اعلى من الموارد وتخصيصها لتنمية المرافق العامة الاساسية وطاقة البلاد الانتاجية، وبالتالي لتنمية الحياة الاجتماعية.
فاما أن الدولة عادت عن صوابية ما رأت وأعلنت.
واما أنها عادت عن رغبتها في الحد