عن اللقاءات الروحية قال حنين: "هذه القمة الروحية سواء اكانت بين رؤساء روحيين فحسب، أم كانت رؤساء روحيين وقيادات زمنية، في آن، ماذا تبتغي؟ التوصل إلى حل أم تهيئة النفوس إلى تقبل حل؟
فإن كانت غايتها التوصل إلى حل، فمن من المواطنين اللبنانيين أو من الفئات اللبنانية الذين من أجلهم تعقد على الغالب هذه القمم فمن من اللبنانيين في يده العقدة ليحلها؟
أشار حنين إلى أن القرار في الحل ياتي من الخارج.
"إن توصلت هذه القمم الروحية خصوصًا كبيرتها: القمة المسيحية – الإسلامية الشاملة التي بدأت عقد جلساتها في الأسبوع الفائت إلى قرار، فمن يلتزم تنفيذه؟
اما إذا كانت مؤتمرات القمة من أجل تهيئة النفوس إلى تقبل حل، فهذا عمل مبرر وهو من وحي السماء. وليس من يعرف، منذ الآن، وقبل أن يحدث الامر المنشود إلى أي حد تمشي الطوائف مع رؤسائها والجماهير مع بطاركتها ومع المفتين فيها. وإلى أي حد يستطيع المفتون والبطاركة الحكم على رعاياهم وجماهيرهم في أن يماشي بعضهم بعضهم الآخر.
وليكن هدف المؤتمر الروحي والحال هذه بعد تصحيح أوضاع اللجنة، تحقيق الممكن، لا طلب المستحيل، فالممكن هو أن يتوصل المؤتمر إلى حمل من في يدهم النار على عدم إطلاقها انعدامًا كليًا، شهرًا كاملاً، (والذين في يدهم النار معروفون).
يبقى أن المؤتمر إذا لزم هذا الخط يكون انه يبني لا إلى مخرج مؤقت، فحسب، بل إنه يبني حالاً نفسية قومية تلزم المساعي التي تستهدف الحل الأخير. وإن طريق الحل الأخير طويلة وشاقة ومتعرجة. وهي لا تنتهي فور انتهاء الحكم من الخيار. فالخيار، مهما يكن حكيمًا، ينه مرحلة عالقة لتبدأ مرحلة أصعب، لأن الكفاح الذي سيجر إليه الخيار، مهما يكن حكيمًا، سيكون أكثر مرارة من الكفاح الذي تكون طويت صفحته".
وعن اتفاق 17 آيار قال: "اتفاق 17 آيار يقيم الدنيا ويقعدها، على أنه في الأرض لأنه إن لم يكن مجمدًا منذ أن ولد فقد ولد ميتًا، كما يقولون. وعلى كل حال لا يأبه به أحد:
فإسرائيل تتصرف بمعزل عنه وبما هو أبعد مما يأذن به. ولبنان أعجز اليوم من أن يأخذ به أو لا يأخذ. وحدها سوريا تستخدمه كنقطة كبيرة، في العراقيل التي بين يديها.
ومع ذلك يظل البحث دائرًا هنا وفي كل مكان في هذا الاتفاق. فأميركا الداعية إلى وضعه بل هي عرابته والشريكة الأصلية فيه تتنصل اليوم منه وتقول إنه لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد، أأبرم هذا الاتفاق أو ألغي.
وإسرائيل تقول: إذا ألغي هذا الاتفاق ألغي لبنان معه. وسوريا تقول: إذا بقي فهي لا تخطو خطوة مهما تكن يسيرة في طريق الحل، ويبقى لبنان نارًا مشتعلة، لا ينطفئ لهيبها. ويظل لبنان حائرًا في حيار يبقي الاتفاق أم يسقطه. وحيال الخيار اللبناني الذي أخذ يعمل منذ الثامن عشر من آيار 1983 تبدو المواقف هكذا:
- اتفاق 17 آيار إذا بقي قال السوريون : اتفاق إذعان (إذعان لبنان لإسرائيل).
- وإذا ألغي قال الإسرائيليون : إلغاء إذعان (إذعان لبنان لسوريا).
وإذا بقيت الحال على ما هي عليه، اآن: قيل :يذعن لبنان لسوريا فلا يجرؤ على إبرامه، ويذعن لإسرائيل فلا يجرؤ على إلغائه. ولبنان في هذه الحالات الثلاث ينشوي بين نارين.
يبقى ان يختار الحكم التعاون مع سوريا، أو التعاون مع إسرائيل، لأن الحكم يرى ويرى الشعب معه ويرى المراقبون، أن بقاء لبنان بين نارين يذيبه، ويفنيه. فإن إسكات نار من النارين واجب لازم. وعندما نسكت واحدة من النارين اللتين تنصبان على لبنان تنضم النار التي تسكت إلى ناره، لتصب معها على النار التي تكون لم تسكت، بعد، إنها عملية حسابية سهلة – بسيطة – وقد تكون ساذجة، ولكن ، ليدرك منها نفعًا، وجب ان يرافقها هدوء وصفاء وتأمل في المكاسب والخسائر من هذا التعاون أو ذاك.
"فالتعاون مع سوريا يؤمن: زقفًا ثابتًا لإطلاق النار، بسط سلطة الشرعية على كل الأراضي غير المحتلة من إسرائيل، التوصل إلى اتفاق عل ىالإصلاحات المطلوبة، قيام حكومة اتحاد وطني تتولى التنفيذ واستمرار الأمن والاستقرار، وبقاءنا في المحيط العربي...
في مقابل ذلك نكون خسرنا الجنوب ، اثرنا إسرائيل، لتظل ماضية في أعمالها العدوانية على كل أرض لبنان التي في حكمنا، وأطلقنا يد سوريا، في شؤوننا الداخلية، وفي تحضير المستقبل الذي يتناسب مع غاياتها في لبنان.
أما التعاون مع إسرائيل فينتج منه: بقاء الجيوش السورية حيثما هي الآن. وأزيد، الإبقاء على تفاعلنا مع العالم الغربي، إبقاءا لمدفع الإسرائيلي، واختيار الحليف الأقوى الآن.
إلى الآن، كان العفال يتكلمون فلماذا لا تعطى الكلمة الساعة، لمجانين لعلها تكون الأجدى ، من يدري؟
ماذا بعد؟ سؤال يلقيه كل لبناني على نفسه ويتطارحه مع سواه، ويظل نهاره ، ويتأزق ليله، ينتظر عليه جوابًا، لأن المواطن اللبناني يعرف أ نالمسؤولين أ