قال حنين "المؤتمر الإسلامي – المسيحي ينعقد بعد أن ينجح المسلمون في عقد مؤتمرهم، ويبلغوا فيه المواقف التي وقفها المسيحيون في مؤتمرهم، وإذ ذاك يصب المؤتمر المسلم والمؤتمر المسيحي في الخانة التي يطلع منها المؤتمر الإسلامي – المسيحي الذي كثر الكلام عليه وبعد لقائه، وهو المؤتمر الذي بات لزامًا أن يكون، لأن منه متوقع أن ينبثق الفجر الجديد.
وما الذي يعوق انعقاد المؤتمر المسيحي – الإسلامي؟ لا شيء! ما دمنا متشبثين ببقاء أرضنا كاملة غير منقوصة أو مقسمة، وبالعيش المشترك بيننا وجميعًا عليها، وما دام اقتناعنا أن لا أرض لنا سواها تستطيع أن تؤمن لنا الهناء، وما دامت على هذه الأرض مدارس أبنائنا وملاعبهم والحلاوات التي نعشق ويعشقون، وما دامت في قلب هذه الأرض مقابر أجدادنا وأبائنا وإخواننا واولادنا. ولا أعز من هذه المقامات مقام، وما دام قد ثبت لنا أن من الصفاء سعادة وازدهار، ومن العكرة تعاسة ودمار، وما دمنا مصرين على الحفاظ على تراثنا وتقاليدنا وعاداتنا وابتهاج العيش الذي وقع عليه اختيارنا.
يبقى أن يصير واضحًا في نفوسنا جميعًا، أن الحقوق المهضومة لا تستعاد من حقوق الآخرين، وأن المواطن لا يصل إلى حقه كاملاً إذا تمتع الوطن بكامل حقوقه، وأن العمل لمكاسب حزبية، فئوية، طائفية، شخصية وإن أدركت، فهي تفقر، لأنها تدرك من ثروة الوطن، لأنها تدرك من ثروة الوطن، فتنتقص لتدخل في مقتنيات الأفراد، فلا تزيد مقتنياتهم.
يكفي أن يتبصر العقال والمفكرون والمخلصون بهذه الحقائق البديهية، وأن يعلنوا ما توصلوا إليه ليستقيم ميزان القوم، وليكون أخاء ومساواة وعدل، فيبقى لبنان.
وبعد، فاللقاات، بل المؤتمرات إذا ترجمت الأقوال التي ترد فيها والبيانات التي تصدر عنها أفعالاً وتحركًا ناشطًا في اتجاه الحل، هذه اللقاءات والمؤتمرات تفرض نفسها أن تكون معبرًا إلى الخلاص. وهل من معبر، إذا ما طرح السلاح جانبًا، غير هذا المعبر! وهل من شرف لقوم فوق هذا الشرف!
وفي الختام، قرأت في "النهار" أنه انقضت عشر سنين على مقاطعتي الصرح البطريركي، فهالني ما قرأت! وما كنت أدري أن عشرًا من سنوات العمر تمر بمثل هذه العجلة. وكم من عشر سنين منتجة في عمر الإنسان! فعزمت، في الحال على أن أكف عن المقاطعة التي هي تعبير. ولا أقسى عن الاستياء. ثم لماذا المقاطعة؟ وقد عدت أرى الصرح الذي قاطعت ما زال قادرًا على عظائم الأمور، وهذا واحد منها".