نص الكلمة التي ألقاها الأستاذ إدوار حنين
بتاريخ 23-12-1971 في حفلة مؤسسة
"الكفاءات". والكفاءات هي مؤسسة تضم العمي
والصم والبكم والمقعدين.
وحيد
وحيد بين الناس
وحيد في زحمتهم
في مواكبهم وأعراسهم
وحيد
في عزلته السوداء، وهو ضرير
في قعوده المقض، وهو كسيح
في جموده المولول، وهو مشلول الباع
في بحرانه الساهي، وهو ملجوم الخاطر
يحلم
يحلم بعالم حده جفناه المطبقان
وأبعاده جسد رازح، يد مشلولة أو رأس متهته
انه المعاق
المعاق، انسان مثلنا
في العالم من كل مائة انسان ثلاثة مثله
ومثله، في لبنان، خمسة وسبعون ألفا.
وفي كل عام يزداد عدد المعاقين، عندنا الفين.
حيال ذلك، كان من رأى:
ان المعاق من روح الله.
انه امتداد ليمينه
ان فيه بيته
وان بيت الله، وان تعطل جانب منه، لا يتهدم.
العمل، منبت للسعادة
ورأى:
أن لنا في العمل حياة.
ان العمل، كما الصراع، فن بذاته.
ان قيمة المرء جهده.
ان ليس كالعمل منبت للسعادة
اننا سعداء، بمقدار ما نعطي
ان سعادة أي إنسان تغني أي انسان آخر
وان لا سعادة بلا ثمن.
كان من رأى:
ان حياة لا تنفع الموت لا يدفع
ان لا قسمة ولا نصيب بل المرء صانع قسمته ونصيبه
وان فقد الأمل جحيم
ورأى:
ان الإنسان حريته
ان الحرية في ان نقدر على كل شيء
ان الإحسان مثبت لقدرة الإنسان.
وان ليس كالإحسان ما بسرعة يشيخ.
وحيال ذلك، كان من رأى:
ان اليد التي تعطي، وإن دمية، خير من اليد التي تأخذ، وان رخيمة
وان من أعان نفسه كان الله بعونه
ورأى:
ان كل مال يطلع من دم آخرين إلا مال المعاق فمن عرق جبينه.
مكان المعاق بين الناس
هذا الذي رأى ذلك قرر ان كثرة من المعاقين – بل كلهم – يستطيعون أن يشغلوا مكاناً بين الناس، وان يدخلوا في الدورةالإنتاجية إذا تولفرت لهم عملية تأهيل التي هي مجموع الوسائل والخدمات الطبية – التعليمية – المهنية – والتشغيلية.
فمن يؤهل؟!
من يؤهل؟؟
على عاتق الدولة اصحاء عاطلون عن العمل (ربع الأصحاء عاطلون عن العمل) فأين تجد الدولة عملاً للمعاقين؟!
وعلى عاتق الدولة اصحاء لا مقاعد لهم في المدرسة (على ان كلفة تعليمه خمسة مرات أقل) فأين تجد الدولة مقاعد للتلامذة المعاقين؟! تقول الدولة.
غير أن أحدهم قال يوماً:
أقرب أبنائي الى مريضهم حتى يبرأ.
فقدُّم المعاق على الصحيح.
الكفاءات تقوم مقام الدولة
وكانت الكفاءات
وهي مؤسسة قامت مقام الدولة، فدعت اليها المتعبين، من عمي، والصم، والبكم، والمقعدين.
ثم أعطت الأعمى عملاً، والأبكم عملاً، والأصم عملاً، وعملاً للكسيح المقعد.
كل بما يتوافق مع عاهته.
فإذا المكبّل طليق، والعاطل عامل، والعامل منتج، الإنتاج تصدير، والتصدير كسب، والكسب تمويل.
وإذا الكفاءات تكفي ذاتها بذاتها.
فلا حماية، ولا مساعدة، ولا إحسان، ولا إعفاء.
بل زنود تنتج، وقلوب تبتهج.
نديم الشويري، منقذ المعاقين
سيداتي سادتي
ان من رأى كل ذلك، ومن عمل بما رأى
رجل عزم على ألا يدع الأشواك تحجب الورود
وألا يدع العشبة تذبل فيسقط زهرها
رجل عرف:
ان الشعارات والأقوال فرغت من معانيها
إن الفقر رفيق متعة
ان كفكفت الدموع خير من الباكين
وان صانع السعادة أسعد السعداء.
وعرف:
ان المعاقين خسارة إقتصادية – إنمائية
إنهم عبء على البيئة والثروة العامة
وان مشكلتهم تفضي، حتما، الى فقر بشري، تبدد كرامة الإنسان، وتجرح عنفوانه
فإذا هذا الرجل بقدرة قادر، عملاق يدفع العمى عن العيون، الصمم عن الأذان، والشلل عن الزنود، يدفعها، جميعاً، بالعمل المنتج المبهج
واذا هو يصارع الفقر، والعجز، والمهانة، والمخاطر فتصرع.
لعظائم الأمور عظماء الرجال
نديم حبيب شويري عظيم يقبل علينا من بعيد
لنهنأ به عظيماً.
لبنان، بلد المحبة
يا أيها الساده
اليوم زادت المحبة في لبنان، فكبر لبنان
ولبنان كان منذ أن كان:
بلد محبة
وطموح
وإبداع
فقوي بذلك
قوياً بإرادة أبنائه في الحياة
قوياً بعزمه وبتوقه
قوياً بأمثال نديم شويري، سيظل الكريم منتصر ولن أبواب الجحيم لن تقوى عليه.
ويا أيها اللبنانيون:
ماذا ينفع اللبناني لون ربح العالم كله وخسر لينان.