إلى يسوع
وتطل علينا هذا العام فلا تعرف فيلبنان مغارتك ولا رعيانك،
حتى ولا الحيوان الذي التف عليك يدفئ يديك وقدميك وينفخ الحرارة في وجهك.
على أنك كنت تطل فيطل معك كل هذا في آن...
المغارة التي احتضنتك طفلاً باتت مغارة لصوص ورعيانك غفوا عن قطعانهم وحيوانك وقع في البهمنة وبالغ حتى أنه لم يعد في حيوان الله.
كنت تطل ويطل معك الخير والبركة
تطل ويطل معك عالم النور
تطل معك الرحمة وتطل المحبة.
كنت تطل فيسجد لك العالم.
العالم يسجد لتعاليمك.
كتابك كان يركع العالم على ركبتيه
كنت تطل فتهجع لك الدنيا وترقص
كنت تطل ووجه الله كان يطل معك... كان الله يطل...
وتطل اليوم فإذا الخير قد فقد، وإذا المحبة والرحمة فقدتا، والنور قد انطفأ...
وتطل فلا العالم يسجد ولا وجهك يصرع ولا كتابك يصعق.
وتطل فلا تهزج لك الدنيا، ولا ترقص...
كان كل ذلك في العالم...
الآن،
لأن العالم الآخر ركب رأسه وهبّ إليك.
تعالم حتى يطول القمر وحتى يطولك من بعد.
اما نحن في عالمنا نحن، أي شرقك الذي فيه ولدت، في مغارتك، بيتك، في لبنان...
فإن كان الذين تعودوا أن يهزجوا ويرقصوا ما عادوا يهزجون ويرقصون فلأن ساحة الرقص عندهم قد زلزلت أقدامهم ومادت رواسيها...
ولأن الذين تعودوا أن يهزجوا ويرقصوا، يدبكون. قد دبكت بهم الأرض على أيديهم وأرجلهم وحطمت ضلوعهم وجماجم رؤوسهم فما عادوا يقوون على الوقوف ولا عادوا يصلحون للهزج والرقص والدبكة
الدابكين
بطون الأرض يا يسوع امتلأت من جثثهم المكسرة، من حطامهم،
الأرض كانت تفرح بوقع أقدامهم، باتت تئن على زوارها. عن زوارها تئن...
الموتى الذين قضوا، ما زالت الأنزال، ثم مشوا غلى قبورهم على زغردة الأبطال، أو كان أولئك النساء والشيوخ والاطفال، اولئك الرجال في بطون الارض في بطنها أهازيجهم، وقع أقدامهم، رأسهم، الدبكة التي يدبكون.
إنهم يا يسوع ما زالوا يبتهجون بك، بقدومك، بوجهك، بكتابك وبالله الذي هو أنت.
فيا يسوع،
رعيتك تفتقدك، أبناؤك ينادونك،
ببطون الأرض ينادونك، من موتهم ينادون،
ويا يسوع،
لا تكون إلههم، لا تكون إلهًا، لا تكون الله إن لم تحبهم اليوم قبل أن تبعث الموتى أحيا، اليوم اليوم، لا بعده.
وتكون قد أحييتهم، تحيهم، ساعة تمر يدك على لبنان، جباله ، أوديته، وسهوله.
فتعطل فيه السلاح، تخرس فيه المدافع، تجمّد فيه الرصاص، تشل الأيدي التي تطلق فيه الرصاص، تحطمها من الباع، ترمي بها للكلاب. للكلاب الكلبة، للذئاب الجائعة، ---- في وجه أصحابها، في عيونهم، في اقوالهم، وتمر من فوقهم، يدك التي تحيي، كما أحييت منا من مات وتطرح اجسادهم خارج أرضنا بعيدًا عن أرضنا في أرضهم يا الله.
لأن أرضهم باتت بلا عضل، وهي بحاجة إلى عضل لتقوم من القبر.
لتقوى، لتحيي، ولتعود تصلح أرضًا للميعاد.
فيا يسوع،
لا تكون إلههم، لا تكون إلهنا، لا تكون إلهًا، لا تكون الله، إن لم تحبهم اليوم قبل أن تبعث الموتى أحياءً اليوم لا بعده...
الميلاد
للناس ميلادهم ولنا ميلادنا...
ميلاد الناس في الساحات ، في الطرق، في الشوارع،
ميلادنا في قلوبنا...
ميلادهم يمشي معهم في الطريق، ومعه يمشون...
ميلادنا نحمله في أنفسنا ويحملنا في نفسه، فكأننا وإياه واحد. فلا يأخذ ميلادنا منا ولا نأخذ منه. لا يعطينا ولا نعطيه، بل نحيا نحن وإياه في ىن معًا في وحدة لا تنفصل ولا تتعثر لذلك، يبقى ميلادنا في انفسنا وتبقى أنفسنا في ميلاد دائم.
كل يوم يتجدد فنتجدد، وتقدم من جديده على شيء جديد.
فيه نيحيا لبنان ويظل العتيق الجديد الذي لا يتوقف أبدًا والذي لا تستطيع أن تزيح به يد عما رسم لنفسه من طريق...
إلى الله،
كل شيء يا ألله مكانه
كل شيء لم يبرح مكانه.
كل إنسان يا ألله مكانه...
كل غنسان لم يبرح مكانه.
الدنيا هي الدنيا، والإنسان الإنسان، إلا في لبنان...
فما كان فوق الارض بات تحتها. وما كان في غمرة الارض بات فوقها...
والإنسان خنقته يد الإنسان، فبات كل شيء في لبنان في غير مكانه وفي غير مكانه كل إنسان... وأنت،أنت من خلق الأرض والسماء، من كوكب الكواكب، وأدخلها في حركة أبدية سرمدية لا تتوانى ولا تخطئ.
اعد أشياءنا إلى مكانها... أعد إلى مكانه إنساننا. أعد لبنان إلى مكانه.
هذا الجبل يا ألله، هذا الجبل الأبيض، لبنان.
إجعل وطننا أن يظل صالحًا، أن يكون موطئًا لقدميك، مسرحًا لأبطالنا، وهيكلاً مشرقًأ لإيماننا، لاعمالنا، لغدنا، لنا ولك، نحن أبناؤك الذي بك نؤمن ومن أجلك نحيا ومن اجلك نموت.
إج