سيداتي سادتي؛
أن أقول لكم كيف يتهيّأ الشباب اللبناني، في المعهد والحقل، في المعمل والمتجر، ليتسلم المشعل الذي تسلّمه آباؤهم، قبلهم، فتظل النار متأججة فيه، تضيء وتبعث الدفء، نورًا يهدي وحياة تتألق،
فما هذا الذي نحن بصدده الآن، أسبوع العلوم السياسية، ينبري له طلاب هذه العلوم، سوى واحدة من ألف ظاهرة وظاهرة تطل علينا، من المدائن والقرى، مزهوة غالبة، فتنمي الأمل بأن شعلة الأمس شعلة اليوم وغد،
شعلة لن تخمد لها نار أو يضيع لها خوار ما دامت النفوس المتوقدة تواصلها بالمدد والسواعد الظافرة تشيل بها في الفضاء.
عندما أُسعدت، صبيحة يوم فائت، بلقاء واحد من هذا الشباب المتوثب اللاهب يتحدث إلي في الديمقراطية – البرلمانية وأنظمة الحكم، أصلاً وفرعًا ونهج تطبيق، عاودتني الروح التي كنا نُقبل بها، شبابًا، على كبارنا، نعُبّ ولا نرتوي، فنتزوّد للطريق التي نفد فيها زادنا وما برحت تتعرّج أمامنا في الوعر وفي الصرود.
فبهذه الروح لا بغيرها التي أثقلتها السنون والشجون أسوق إليكم حديث الليلة في موضوع الديمقراطية – البرلمانية التي عشتها، ورعيلاً من الرفاق، حياة حميمة حميمية واعية.
من هنا مبعث التفكير في ألا أجعل حديثي دراسة في كيف نشأت الديمقراطية،
في كيف طوت مراحل تطورها، في تنوع وجوهها وأنظمتها، في ما تفضل غيرها من النظم وفي ما يفضلها هذا الغير، ثم في ما آل إليه الاجتهاد لدى تطبيقها.
هذه المطالب التي انكب عليها العلماء والشرّاح والمجتهدون فأغرقوا...